تتخذ صحة وسلامة الفم لدى الحيوانات الأليفة حيزاً كبيراً من الأهمية، لما لها من تأثيرات مباشرة على الصحة والسلامة العامة لهذه الحيوانات؛ إذ قد تتسبب المشاكل الصحية في أفواه أو أسنان الحيوانات الأليفة بآلامٍ حادةٍ ومعاناة مزمنة للحيوانات دون أن تتمكن من التعبير عن هذه الآلام والمعاناة بشكلٍ أو بآخر، مما قد يفاقم هذه الآلام ويضطر الحيوانات لتحملها دون القدرة على التصرف حيالها.
وفي حين أن هنالك ما نسبته 80% من القطط والكلاب التي تعاني من مشاكل خطيرة في الأسنان ابتداءً من عمر 7 سنوات فما فوق؛ فإن المسؤولية تقع على عاتق مالكي هذه الحيوانات الأليفة للوعي بأهمية الحرص والمحافظة على صحة وسلامة أفواه وأسنان حيواناتهم الأليفة والاهتمام بها بعناية، إلى جانب إدراك مدى تأثير مشاكل أسنان وأفواه الحيوانات الأليفة عموماً، والقطط والكلاب خصوصاً؛ على الصحة العامة لها.
ولذا؛ فإننا نسرد في هذا المقال؛ الأعراض الأولية والمتقدمة وأشهر العلامات الدالّة على أمراض الأسنان والفم عند الحيوانات الأليفة، كما نستعرض أفضل طرق الوقاية من هذه الأمراض، ونوضّح أهمية علاجها والتشخيص الدوري للحيوانات بين الحين والآخر، كذلك فنتطرّق للحديث عن أمراض اللثة ومراحلها عند الحيوانات الأليفة، ونبيّن مدى خطورة أمراض الأسنان والفم عند الحيوانات الأليفة، أضف إلى ذلك الحديث عن كيفية العناية بأسنان وأفواه الحيوانات الأليفة وكيفية التعامل مع الأمراض التي تتعلق بها.
الأعراض الأولية
تُعدّ رائحة الفم الكريهة إحدى أبرز أعراض وعلامات مشاكل الفم والأسنان عند الحيوانات الأليفة بما في ذلك القطط والكلاب، ولا يعني ذلك أن تكون رائحة أفواه الحيوانات منعشة بالضرورة، إلا أنه لا ينبغي أيضاً أن تكون فظة ومزعجة؛ إذ يمكن أن تكون الرائحة الكريهة من أفواه الحيوانات الأليفة بمثابة ضوء أحمر يشير إلى أمراض ومشاكل في الأسنان أو اللثة أو أجزاء أخرى من الفم، وغالباً ما تكون المشاكل والأمراض متمثلة في التهاب الأسنان أو اللثة أو أنسجة الفم.
الأعراض المتقدمة
تعتبر أمراض اللثة أكثر أمراض الفم انتشاراً بين الكلاب والقطط، وتبداً فرصة حدوث هذه الأمراض بدءاً من العمر الثلاث سنوات لحيوانك الأليف، وفيما يمكن الاسترشاد إليها عن طريق الأعراض الأولية التي ذكرنا سابقاً والتي تتمثل في الرائحة الكريهة لأفواه الحيوانات أو معاينة أسنانها وما قد يكون أصابها من مشاكل وأضرار.
فتتمثل الأعراض المتقدمة لأمراض الأسنان والفم عند الحيوانات الأليفة؛ بانتفاخ اللثة، وحدوث النزيف السهل منها، إلى جانب تغيّر لونها، وفي حال عدم اتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة حينها؛ فستكون هنالك فرصة لتطوّر المرض مع تقدم حيوانك الأليف بالعمر، حيث يمكن أن ينتج عن الالتهاب انخفاض للمناعة وقابلية للعدوى، كما ستتضرر وتنحل الأنسجة المحيطة بالأسنان غالباً بسبب “الجير” المتراكم على اللثة والتهابها.
كذلك فستصبح الأسنان أكثر ارتخاء وصولاً إلى سقطوها في نهاية المطاف، مما سيؤثر على تغذية القطط أو الكلاب بناءً على صعوبة مضغها للأطعمة، وسيترتب على ذلك فقدان وزنها وطاقتها إلى جانب نحولها ووهنها عند اشتداد الحالة.
أشهر علامات الإصابة
- رائحة الفم الكريهة
- تخلخل الأسنان أو تلطخها بالجير والرواسب البكتيرية
- تحسس الحيوان من لمس منطقة الفم، إذ بمكن أن يهرب حيوانك الأليف منك إذا حاولت ذلك
- سقوط الطعام من الفم أو سيلان اللعاب
- النزيف من الشفاه
- فقدان الشهية أو فقدان الوزن، وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الأعراض يمكن أن تكون مرتبطة بالعديد من الأمراض بما فيها أمراض الفم ومشاكل الأسنان، مما يؤكد على أهمية إجراء فحص بيطري مبكر فور ظهور هذه الأعراض
- تشكّل قشرة صفراء أو بنية اللون على الأسنان
- تغيير عادات المضغ، كالمضغ بصعوبة أو استخدام جهة واحدة للمضع أو الاستعاضة عنه بالبلع
وقاية الحيوانات الأليفة من أمراض الأسنان والفم
دائماً ما تكون الوقاية أفضل من العلاج، ولذا فيمكن القول إن الحل الأمثل لتفادي مشاكل الأسنان والفم عند القطط والكلاب؛ هو الذي يكمن في تنظيف أسنان هذه الحيوانات بشكلٍ دوري منتظم وكلما أمكن ذلك.وتتمثل الغاية من هذا الإجراء في منع تراكم ما يعرف بـ”البلاك” أو “القلح” بين أسنان الحيوانات؛ إذ تتجمع جزيئات الطعام بما في ذلك البكتيريا، والسكريات، والأحماض، واللعاب، وتصنع غلافاً لزقاً على الأسنان بعد 20 دقيقة فقط من تناول الطعام، الأمر الذي قد يشكّل طبقة متماسكة من الشوائب تُعرف باسم “الجير”، وينتج عنها تسوس الأسنان وأمراض اللثة والإخلال في إطباق الأسنان في حال عدم تنظيف الأسنان والفم من هذه الجزيئات فور تجمّعها.
وفي ما يلي، قمنا بجمع بعض من أبرز الخيارات الأخرى التي يمكن اتباعها لتحقيق فاعلية جيدة في مواجهة إمكانية تعرّض القطط أو الكلاب لمشاكل الأسنان أو الفم:
- تنظيف أسنان القطط أو الكلاب بواسطة فرشاة الأسنان أو أصابع اليد، إذ تعتبر هذه الحيوانات سهلة الانقياد لهذا الإجراء خصوصاً إذا ما تم تعويدهم عليه كطقس دوري منذ وقت مبكر
- تنظيف الأسنان عن طريق عيادة بيطرية أو مستشفى بيطري وذلك لإزالة “البلاك” أو “الجير” بواسطة طبيب بيطري متخصص
- العناية البيطرية بأسنان الكلاب أو القطط وفقاً لمنهج علمي
- تقديم الطعام والغذاء المناسب للقطط والكلاب
- استخدام ألعاب المضغ المخصصة للكلاب والقطط، إذ تؤدي هذه الألعاب فاعلية مفيدة جداً في تقوية أسنان الكلاب بشكلٍ خاص والحفاظ على سلامتها، وفي حين أنها ستكون مفيدة للقطط أيضاً إلا أن فائدتها منها لن تكون بنفس القدر الذي يستفيده الكلاب
احرص عند تنظيف أسنان الحيوانات الأليفة استعانة بالمعجون؛ على استخدام المعجون المخصص لها؛ إذ يكون مصمماً بحيث لا تبتلعه الحيوانات.
أهمية علاج الحيوانات الأليفة من أمراض الأسنان والفم
يمكن أن تمهّد مشاكل الأسنان أو التهابات الفم عند الحيوانات الأليفة الطريق لدخول الجراثيم إلى مجرى الدم، مما قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض أكثر خطورة وتعقيداً في أعضاء جسم الحيوان الأليف مثل أمراض الرئة أو الكبد أو القلب أو غيرها من الأمراض الخطيرة.
لذا؛ فلا بد من تفقد صحة وسلامة أسنان وأفواه القطط والكلاب بين الحين والآخر في عيادة بيطرية متخصصة وبمعدلٍ لا يقل عن مرة واحدة في السنة كحدٍ أدنى للقيام بإجراءات العناية الوقائية على أيدي طبيب بيطري متخصص، مما قد يسهم في الحؤول دون حدوث التهابات اللثة وأمراض الأسنان والفم عند القطط والكلاب وما قد ينتج عنها من أخطار وأمراض جسيمة يمكن أن تشكّل تهديداً لحياة حيوانك.
ومن ناحية أخرى فتساعد معاينة القطط أو الكلاب بشكلٍ دوري ومنتظم من قِبل دكتور بيطري متخصص في الحفاظ على صحة وسلامة حيوانك الأليف واكتشاف أية مشاكل ممكنة في وقت مبكر حال وجودها.
أمراض اللثة عند الحيوانات الأليفة
غالباً ما يكتشف مالكي الحيوانات الأليفة أمراض اللثة عند حيواناتهم بعد فوات الأوان نظراً لعدم تتبعهم الأعراض الأولية والمتقدمة لمشاكل وأمراض الأسنان والفم عند القطط والحيوانات وعرضها على طبيب بيطري متخصص فور حدوث المشكلة، مما قد يُصعّب العلاج ويقلل نسبة إتيانه بالنتائج المرجوة على النحو الأمثل، إذ قد يترك التأخر في علاج اللثة عن الكلاب أو القطط تجويفاً في الفم، إلى جانب إمكانية تلف بعض الأعضاء الداخلية للقطط والكلاب مع تقدمهم في العمر دون تلقي العلاج
مراحل أمراض اللثة عند الحيوانات الأليفة
تمر أمراض اللثة عند الكلاب والقطط بعدة مراحل ندرجها تالياً:
- المرحلة 1: يكون الالتهاب بسيطاً وغير مرئي، وتبدو كلاً من الأسنان وسقف الفم بحالة طبيعية دون فقد للأسنان أو أعراض ظاهرة على أنسجة الفم واللثة.
- المرحلة 2: تصبح رؤية أعراض التهاب دواعم الأسنان المبكرة ممكنة على الصور الشعاعية في هذه المرحلة، ويكون معدل الانحسار اللثوي قد وصل إلى نسبة تُقدّر بـ25% وفقًا للقياسات الشعاعية التي تحدد نسبة “الجير” أو التكلسات على الأسنان، واللثة، والعظم السنخي الذي يعد بنية الأسنان داخل الفك واللثة.
- المرحلة 3: التهاب دواعم السن المعتدل مع انحسار لثوي بنسبة تزيد عن 25% ويمكن أن تصل إلى 50٪ على النحو الذي تحدده القياسات الإشعاعية لنسبة الجير أو التكلسات على الهامش السنخي بما في ذلك الأسنان، واللثة، والعظم السنخي.
- المرحلة 4: التهاب دواعم السن المتقدم مع انحسار اللثة بنسبة تزيد عن 50٪ وفقاً لما تحدده القياسات الشعاعية لمقدار الجير أو التكلسات على مسافة الهامش السنخي من الأسنان واللثة وعظام الأسنان المخفية داخل اللثة والتي تُعرف بالعظم السنخي.
وخلاصة؛ فإن لأمراض التهاب اللثة عند القطط والكلاب حالاتٍ وأنواعٍ مختلفة ومتدرجة بالشدّة منها التهاب دواعم الأسنان، وارتخاء أنسجة اللثة وضعف أو وهن عظام الفك، وقد يتطلب العلاج في مستشفى الحيوانات تخديراً للكلاب أو القطط في بعض الحالات للتمكن من تشخيصها وعلاجها بفاعلية.
مخاطر أمراض الأسنان والفم عند الحيوانات الأليفة
ومع كل تطوّر في الحالة؛ فإن مدى الخطورة يكون في ازدياد؛ إذ يمكن أن يتسبب الوصول إلى مرحلة تلف وارتخاء أنسجة اللثة أو الوصول إلى وهن عظام الفك إلى تشكيل ثقوب وكسورٍ في الفك جرّاء الالتهاب، مما قد يُحدث تجويفاً في الفم يمهد دخول البكتيريا إلى الدورة الدموية في أجسام الحيوانات الأليفة والانتقال إلى أعضاء أخرى مما قد يتنج عنه أمراض أكثر خطورةً وتعقيداً وتلفاً لبعض هذه الأعضاء الداخلية في أجسام الحيوانات مثل القلب والكبد والكلى، إذ أثبتت الدراسات وجود صلة بين أمراض اللثة في الحالات المتقدمة والتشوهات المجهرية في القلب والكبد والكلى.
ولذا فيجب عدم التهاون في أمراض اللثة عند الكلاب والقطط وإجراء الفحوصات الدورية المنتظمة في عيادة بيطرية للتأكد من سلامة الحيوانات الأليفة وعدم تعرضها لأيٍ من أمراض الفم أو الأسنان التي تسبباً ألماً وضرراً كبيراً للكلاب والقطط وسائر الحيوانات الأليفة، كذلك فتمكّن عمليات التشخيص الدورية من الكشف المبكر عن أي حالات متعلقات بهذه الأمراض، وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة نقل الكلاب أو القطط إلى طوارئ كلاب أو طوارئ قطط في حال اكتشاف أمراض اللثة في أوقات متأخرة وذلك للقيام بإجراء بيطري سريع ومتخصص وتقديم المراقبة والرعاية البيطرية اللازمة بما يمكن أن يشمل عمليات تعقيم كلاب أو تعقيم قطط متخصصة وعمليات تطعيم قطط أو تطعيم كلاب اعتماداً على الحالة التي تكون عليها الحيوانات الأليفة.
العناية بالحيوانات الأليفة لتجنب أمراض الأسنان والفم وكيفية التعامل معها
ضع في اعتبارك أن العناية التي يحتاجها حيوانك الأليف لأسنانه وفمه، هي ذاتها العناية التي تتطلبها أسنانك ويتطلبها فمك للوقاية من أي أمراض أو آلام، لذا فاحرص على إبقاء أسنان حيوانك الأليف صحية وقوية عبر تنظيفها كلما ما أتيحت لك الفرصة ويفضل أن يكون ذلك بشكلٍ يومي، كذلك فحافظ على تقديم الوجبات المناسبة لحيوانك إلى جانب منحه ألعاب المضغ التي ستساعد على تقوية أسنان حيوانك بالإضافة إلى تنظيفها بفرشاة ومعجون الأسنان المخصصين لحيوانك والذين يلائمانه.
وعند ملاحظة أيٍ من الأعراض الأولية أو المتقدمة من أعراض أمراض الأسنان أو اللثة عند حيوانك الأليف؛ فقم بعرضه على طبيب بيطري متخصص لإجراء فحص شاملٍ لفمه وأسنانه وتنظيف ما ينبغي تنظيفه أو خلع ما يتوجب خلعه لضمان راحة حيوانك، وحاول أن تجعل التشخيص البيطري لفم وأسنان حيوانك طقساً دورياً بين حين وآخر لتجنب أي أخطار محتملة.